الفريق الطبي في “برجيل الطبية” يجري جراحة معقدة وخطره لجنين إماراتي داخل الرحم لعلاج عيب خلقي في الحجاب الحاجز

من رحلة فحص الجنين البالغ 12 أسبوعاً والذي تم خلاله الكشف عن عيب خلقي خطير في الجنين، إلى إجراء عملية جراحية داخل الرحم، وإجراءات طبية خاصة عند الولادة، وجراحة كبرى لإصلاح الحجاب الحاجز عند عمر 6 أيام، ووصول الطفل الإماراتي سيف إلى هذا العالم، كانت رحلة محفوفة بالتحديات.

 وبعد إقامة لمدة 135 يوماً في وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة في مدينة برجيل الطبية بأبوظبي، أصبح الطفل بصحة جيدة ومن المُقرر أن يعود مع والديه إلى المنزل حيث يقطنانِ في مدينة العين، فيما يشعر والدي الطفل سيف بالإرتياح بعد معجزة شفاء طفلهما الأول حديث الولادة بعد رحلة طبية معقدة بدأت حتى قبل ولادته. 

تشخيص صعب

شعرت والدة سيف وزوجها بسعادة غامرة عندما علما أنهما ينتظران طفلهما الأول بعد خمس سنوات من الزواج وأخيراً، لكن تحول حماسهم الأولي إلى قلق بعد إجراء فحص الجنين لمدة 12 أسبوعًا، عندما تم اكتشافا أن الطفل يعاني من عيب خلقي خطير في الحجاب الحاجز، مما تسبب بإنفتاق الأمعاء والكبد في الصدر، حيث يُعرف طبياً أن معدل البقاء على قيد الحياة للأطفال الذين يعانون من فتق الحجاب الحاجز الشديد في الجانب الأيسر هو حوالي 10-15٪، فقد كان التشخيص بمثابة صدمة كبيرة وخيبة أمل للزوجين.

 تتذكر الأم قائلة: “كان من الصعب سماع أن طفلنا قد لا يبقى على قيد الحياة بسبب حالته الصحية المعقدة أو أن الحمل قد لا يكتمل”.

وبعد بحث الزوجان عن متخصصين في هذا مجال طب الأجنة أملين أن يجدوا العلاج على يديهم دون أن يفقدوا طفلهما، توصلوا إلى الدكتور مانديب سينغ استشاري طب الأمومة والتوليد في مركز كيبروس نيكولايدس لطب وعلاج الأجنة في مدينة برجيل الطبية، للحصول على استشارته الطبية وعندما تأكدوا من توفير الرعاية المتخصصة داخل البلاد، قرروا عدم السفر إلى الخارج لتلقي العلاج. 

مع تقدم الحمل كان من الواضح أن العيب الخلقي كان شديداً وخطيراً بحيث أدى إلى ضغط شديد على الرئتين، وطبياً وفي مثل هذه الحالات فإن فرصة بقاء الطفل على قيد الحياة مع مثل هذا العيب الخطير تبلغ حوالي 10-15%، لقد كان أملهم الوحيد هو الخضوع لإجراء معقد داخل الرحم يسمى إجراء FETO (إجراء انسداد القصبة الهوائية للجنين)، حيث يتم وضع بالون في القصبة الهوائية للطفل باستخدام منظار الجنين لتشجيع نمو الرئة”.
الدكتور مانديب

وشارك في الرعاية الطبية للجنين قبل وبعد ولادته، فريق طبي متعدد التخصصات ضم أطباء رئيسيون وهم، الدكتور إيفيانو أوسويتا استشاري ومدير طب حديثي الولادة، والدكتورعنايات مصدق استشاري طب حديثي الولادة، والدكتور أحمد عمران استشاري تخدير التوليد، والدكتور شيخ عرفان باشا استشاري أمراض الأنف والأذن والحنجرة وجراحة الرأس والرقبة؛ والدكتور راجاسيخار سينجاباجو أخصائي جراحة الأطفال، والدكتور كيسافا راماكريشنان استشاري وحدة العناية المركزة للأطفال.

عندما سمعت والدة سيف لأول مرة عن الإجراء التداخلي الذي سيتم إجراؤه لجنينها وهو داخل رحمها، كان يملؤها الخوف والقلق، ومع ذلك طمأن الفريق الطبي الزوجين وقررا المضي قدمًا في الإجراء. 

التغلب على التحديات

في الأسبوع 27 من الحمل، تم إجراء العملية بنجاح بمساعدة الدكتور موريسيو هيريرا طبيب زائر وأخصائي طب الجنين، لكن واجهت الأم انتكاسة عندما دخلت في المخاض المبكر بعد فترة وجيزة وبدأ السائل الأمنيوسي في التناقص، ومع المتابعة الدقيقة استمر الحمل بفضل الله، وبقيت الأم في المستشفى طوال الفترة المتبقية من حملها، وفي الأسبوع 34 من الحمل، أجرى الفريق الطبي عملية متخصصة تُعرف باسم EXIT (العلاج خارج الرحم أثناء الولادة)، والتي سمحت للطفل بالولادة جزئيًا بينما لا يزال ملتصقًا بالمشيمة، مما يسمح له بتلقي الأكسجين من والدته، حيث تأكد الفريق الطبي من استقرار تنفسه قبل الولاده، خلال هذه الفترة قام الدكتور عرفان باشا بإجراء (ثقب البالون) وإدخال أنبوب داخل الرغامى لمساعدة سيف على التنفس، ثم وُلد الطفل ونُقل إلى وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة، بعد ولادته بـ 6 أيام خضع الطفل سيف لإصلاح جراحي كبير للحجاب الحاجز على يد الدكتور راجاسيخار.

بالنسبة لأم سيف، فإن رؤية طفلها في وحدة العناية المركزة للأطفال الخدج جلبت لها مشاعر مختلطة من الألم والفرح والخوف، فقد كان الزوجان يقطعان مسافة يوميًا من العين إلى أبوظبي ليكونا بجانب طفلهما والتأكد من حصوله على أفضل رعاية ممكنة في العناية المركزة للخدج.

وأضافت:” لقد كان وقتًا صعبًا، لقد دعمني زوجي وعائلتي، ومنحوني الثقة بأن هذا الأمر سوف يمر، كما أشعرنا جميع العاملون في المستشفى بالطمأنينة والدعم النفسي والمعنوي وكأنهم عائلتنا الثانية، أنا ممتنة لدولة الإمارات على توفير نظام رعاية صحية متطور وخبرات عالمية، الذي سمح لنا بالبقاء على مقربة من عائلاتنا وأحبائنا دون الحاجة إلى السفر إلى الخارج لتلقي العلاج”.

بعد إقامة أربعة أشهر ونصق 135 يومًا في وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة، أصبح الطفل سيف بصحة جيدة ويستعد قريباً للعودة إلى المنزل.

وقال الدكتور مانديب:” “نحن سعداء جدًا بالتحسن الكبير في حالة الطفل سيف ، لقد كانت الأشهر القليلة الماضية صعبة للغاية، حيث تم التغلب على التحديات الصحية الحرجة  ولكن عمل فريقنا بأكمله معًا لتقديم أفضل رعاية للأم والطفل، ونأمل أن نتمكن من الاستمرار في تقديم هذا النوع من العلاج لأي طفل في وضع مماثل، بحاجة لإجراء طبي تداخلي”.

نَجح مركز كيبروس نيكولايدس لطب وعلاج الأجنة في أبوظبي في إدارة العديد من التشوهات الخلقية المعقدة، وهو من أوائل المراكز في دولة الإمارات، التي قدمت إجراء إصلاح السنسنة المشقوقة داخل الرحم، ولا يزال مستمراً في إجراء العديد من هذه الإجراءات الناجحة.