طُعم عظمي مُوعّى لمرض كينبوك المتقدم: ابتكار جراحي

مقدمة

يعد مرض كينبوك، وهو حالة نادرة نسبياً تؤثر على العظم الهلالي في الرسغ، تحدياً كبيراً للمرضى والجراحين على حد سواء. يتميز هذا الاضطراب التدريجي بنخر لا وعائي (موت أنسجة العظام بسبب عدم كفاية إمداد الدم) للعظم الهلالي، وهو أحد العظام الرسغية الثمانية الصغيرة التي تشكل الرسغ. إذا تُرك دون علاج، تؤدي الحالة إلى ألم في الرسغ، وضعف قوة القبضة، وحركة محدودة، وفي النهاية التهاب المفاصل المُقعِد.

هذه الدراسة تستكشف نهجاً جراحياً متقدماً – وهو الطعم العظمي الموعى – لعلاج حالة متقدمة من مرض كينبوك لدى مريض شاب. العملية، التي أجريت في مستشفى برجيل في أبوظبي، توضح كيف يمكن لتقنيات الجراحة المجهرية أن تقدم أملاً للمرضى المصابين بحالات كانت تعتبر سابقاً صعبة العلاج بشكل فعال.

فهم مرض كينبوك

علم الأمراض الوظيفي

يتضمن مرض كينبوك الانهيار التدريجي لعظم الهلالي في الرسغ بسبب نقص إمداد الدم. يؤدي هذا الاضطراب الوعائي إلى نخر العظام وتفتتها وانهيارها في النهاية، مما يؤدي إلى تغير في آلية الرسغ والألم ومحدودية الوظائف.

تتقدم الحالة عادةً عبر عدة مراحل:

  • المرحلة الأولى: نقص التروية (نقص إمداد الدم) بدون تغيرات شعاعية
  • مرحلة II: تصلب العظم الهلالي مرئي في الأشعة السينية
  • المرحلة الثالثة: انهيار وتفتت العظم الهلالي
    • المرحلة الثالثة أ: انهيار العظم الهلالي بدون دوران العظم الزورقي
    • المرحلة الثالثة ب: انهيار العظم الهلالي مع دوران ثابت للعظم الزورقي
  • المرحلة الرابعة: انهيار متقدم مع تغيرات تنكسية في جميع أنحاء الرسغ

عوامل الخطر

عدة عوامل قد تساهم في تطور مرض كينبوك

  • التغيرات التشريحية: قد يؤدي قصر عظم الزند نسبة إلى عظم الكعبرة (تباين زندي سلبي) إلى زيادة الضغط الميكانيكي على العظم الهلالي
  • التشريح الوعائي: يمكن أن تؤدي الاختلافات في إمداد الدم إلى العظم الهلالي إلى نقص التروية
  • إصابة: تاريخ إصابة في المعصم
  • العوامل الجهازية: الحالات التي تؤثر على تدفق الدم أو التخثر
  • العوامل المهنية: الأنشطة التي تتضمن تحميلاً متكرراً على المعصم أو اهتزازات

العرض السريري

يعاني المرضى المصابون بمرض كينبوك عادةً من:

  • ألم في المعصم، خاصة أثناء النشاط
  • تورم وألم عند منطقة العظم الهلالي
  • نطاق محدود للحركة
  • انخفاض قوة القبضة
  • في المراحل المتقدمة، عدم استقرار المعصم والطقطقة

عرض الحالة

ملف المريض

مريضة تبلغ من العمر 31 عاماً تقدمت بشكوى من ألم مستمر في رسغها الأيسر لمدة عام تقريباً. تضمن تاريخها الطبي إصابة رضحية في الرسغ الأيسر قبل عام، تم علاجها تحفظياً في مرفق آخر. وعلى الرغم من هذا العلاج، استمرت في معاناتها من ألم مستمر في الرسغ، مما أدى إلى إحالتها إلى مستشفى برجيل مع تشخيص مرض كينبوك.

النتائج السريرية

عند الفحص، أظهر المريض:

  • تورم منتشر حول المعصم الأيسر
  • ألم عند اللمس في جميع أنحاء الرسغ، خاصة في منطقة العظم الهلالي
  • ألم ومحدودية في نطاق الحركة

التصوير التشخيصي

أظهر التقييم الإشعاعي:

  • أشعة سينية تظهر تصلب العظم الهلالي
  • فقدان ارتفاع العظم الهلالي
  • تجزؤ العظم الهلالي

التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) أكد هذه النتائج ودعم تشخيص مرض كينبوك المتقدم، المصنف كمرحلة 3A وفقاً لنظام تصنيف ليختمان. في هذه المرحلة، كان العظم الهلالي قد تعرض للانهيار ولكن دون دوران العظم الزورقي أو عدم استقرار الرسغ.

نهج العلاج

تقييم الخيارات الجراحية

لمرض كينبوك في المرحلة 3A، تتوفر عدة خيارات جراحية:

  1. استئصال عظام الصف القريب للرسغ: إزالة العظم الزورقي والعظم الهلالي والعظم المثلثي
  2. التحام الرسغ المحدود: دمج عظام معينة في الرسغ لإعادة توزيع القوى
  3. إجراءات إعادة التوعية: تقنيات لاستعادة إمداد الدم إلى العظم الهلالي
  4. التحام المعصم الكامل: الدمج التام للمعصم في الحالات الشديدة
  5. إجراءات قطع الأعصاب: لتخفيف الألم مع الحفاظ على بعض الحركة

بعد مناقشة مستفيضة مع المريض حول المخاطر والفوائد والنتائج طويلة المدى لكل نهج، تم اختيار إجراء إعادة التوعية الدموية. استند هذا القرار إلى عمر المريض الصغير، ومرحلة المرض، والرغبة في الحفاظ على وظيفة المعصم.

التقنية الجراحية

تم إجراء عملية متخصصة للمريض من قبل جراح العظام المتخصص الدكتور جاياكريشنان نارايانا كوروب من خلال الجمع بين عدة تقنيات

  1. شريحة عظمية موعاة مبنية على الشريان الظهراني للمقصورة الباسطة 4+5: هذا الإجراء المجهري يتضمن استئصال العظم مع إمداده الدموي من الجزء الظهراني البعيد للكعبرة ونقله إلى العظم الهلالي لتوفير الدعم الهيكلي والتروية الدموية.
  2. قطع العصب بين العظام الخلفي: فصل فرع عصبي للحد من إشارات الألم من المنطقة المصابة
  3. تثبيت العظم الزورقي والعظم الرأسي: تثبيت مؤقت لعظام الرسغ هذه باستخدام أسلاك كيرشنر للحفاظ على المحاذاة المناسبة أثناء الشفاء

التحديات التقنية

واجه الفريق الجراحي العديد من التحديات خلال هذا الإجراء

  1. تعقيد الجراحة المجهرية: يتطلب استخراج العظم مع إمداداته الدقيقة من الأوعية الدموية خبرة متقدمة في الجراحة المجهرية ومعدات متخصصة
  2. التغيرات التشريحية: الشريان الباسط للمقصورة 4+5 صغير ويمكن أن يكون له تشريح متغير بين المرضى
  3. الحفاظ على السويقة الوعائية: يعد الحفاظ على حيوية الأوعية الدموية أثناء النقل أمراً حاسماً ويتطلب مهارة تقنية عالية
  4. تحضير موقع المتلقي: إنشاء تجويف مناسب في العظم الهلالي المتنخر مع الحفاظ على قشرته الخارجية

التنفيذ الجراحي

تم إجراء العملية تحت التخدير العام مع تطبيق رباط ضاغط على أعلى الذراع. تم اتباع نهج مفصل خطوة بخطوة:

  1. تم استخدام المدخل الظهري للرسغ لكشف الحجرتين الباسطتين الرابعة والخامسة والعظم الهلالي
  2. تم تحديد العصب بين العظام الخلفي وإجراء قطع العصب لتخفيف الألم
  3. تم الوصول إلى العظم الهلالي وتم إنشاء تجويف بعد كشط العظم المتنخر مع الحفاظ على قشرته الخارجية
  4. طُعم عظمي مُوعّى يعتمد على الشريان الحجيري الباسط الرابع والخامس تم استئصاله من الكعبرة البعيدة، مع الحفاظ بعناية على سويقته الوعائية
  5. تم نقل وإدخال الطعم العظمي الموعى في التجويف المُعد في العظم الهلالي
  6. تم إجراء تثبيت مؤقت للعظم الزورقي والعظم الكبير باستخدام أسلاك كيرشنر لتوفير الاستقرار خلال عملية الشفاء
  7. تم إجراء الإغلاق الدقيق على طبقات

تم توثيق الخطوات الرئيسية للإجراء من خلال الصور أثناء العملية، وتشمل:

  • تحديد العصب الدبوسي قبل استئصال العصب
  • تحضير التجويف في العظم الهلالي بعد الكحت
  • حصاد الطعم العظمي مع سويقته الوعائية
  • إدخال الطعم العظمي الموعى في التجويف الهلالي

المسار بعد العملية الجراحية

تمت فترة ما حول الجراحة دون مضاعفات، وتم تسريح المريض في نفس اليوم بعد تقديم إرشادات مناسبة للتحكم في الألم والعناية بالجرح. تم تثبيت جبيرة تحت الكوع لحماية المعصم خلال المرحلة الأولية من الشفاء.

أظهرت الصور الشعاعية بعد العملية:

  • استعادة ارتفاع العظم الهلالي
  • التثبيت الصحيح للأسلاك المعدنية بين العظم الزورقي والعظم الرأسي
  • الحفاظ على محاذاة الرسغ

النتيجة السريرية

في تقييم المتابعة بعد ستة أشهر، أفاد المريض بتحسن ملحوظ:

  • خالي من الألم في المعصم
  • القدرة على أداء الأنشطة اليومية دون انزعاج
  • التحسن التدريجي في نطاق الحركة
  • عودة وظيفة اليد الطبيعية لمعظم الأنشطة

التقييم الإشعاعي بعد ستة أشهر أظهر علامات إعادة التوعية الدموية للعظم الهلالي مع الحفاظ على ارتفاع ومحاذاة عظام الرسغ

النقاش

أهمية الطعم العظمي الموعى

يمثل تطعيم العظام الموعى تقدماً مهماً في علاج مرض كينبوك، خاصة للمرضى الأصغر سناً الذين تعتبر المحافظة على ميكانيكا المعصم أمراً حيوياً بالنسبة لهم. تقدم هذه التقنية العديد من المزايا مقارنة بالأساليب التقليدية:

  1. إعادة البناء البيولوجي: يوفر كلاً من الدعم الهيكلي وإمداد الدم للعظم الهلالي المتنخر.
  2. قد يوقف تطور النخر اللاوعائي ويمنع المزيد من الانهيار
  3. الحفاظ على التشريح الطبيعي: يحافظ على العلاقات الطبيعية لعظام الرسغ وحركتها الحيوية
  4. تجنب إجراءات الإنقاذ: قد يمنع الحاجة إلى عمليات جراحية أكثر شدة مثل استئصال الصف القريب للرسغ أو التحام الرسغ

موانع الاستعمال والقيود

على الرغم من فوائده، فإن تطعيم العظام الموعى ليس مناسباً لجميع مرضى داء كينبوك

  • المراحل المتقدمة (المرحلة الرابعة): عندما تكون هناك تغيرات تنكسية كبيرة في جميع أنحاء الرسغ
  • المتطلبات التقنية: تتطلب خبرة وأدوات جراحة مجهرية
  • فترة التعافي: إعادة تأهيل أطول مقارنة ببعض الإجراءات البديلة
  • قاعدة أدلة محدودة: لا تزال النتائج طويلة المدى قيد التأسيس من خلال البحث

المقارنة مع العلاجات البديلة

لمرض كينبوك في المرحلة 3A، تشمل البدائل العلاجية الرئيسية:

  1. استئصال الصف القريب من عظام الرسغ
    • المزايا: تسكين موثوق للألم، الحفاظ على الحركة
    • العيوب: فقدان ارتفاع الرسغ، ضعف محتمل في قوة القبضة، غير قابل للعكس
  2. دمج المعصم المحدود
    • المزايا: بناء مستقر، تخفيف الألم
    • العيوب: حركة معصم محدودة، احتمال عدم التئام العظام
  3. طُعم عظمي موعى
    • المزايا: يحافظ على التشريح الطبيعي، حل بيولوجي، قابل للعكس
    • العيوب: التعقيد التقني، النتائج المتغيرة

اختيار الطعم العظمي الموعى في هذه الحالة يعكس فلسفة علاجية تعطي الأولوية للحفاظ على التشريح والوظيفة، وهو أمر مناسب بشكل خاص للمريض الشاب

الآثار السريرية

هذه الحالة توضح عدة نقاط مهمة للممارسين:

  • التشخيص المبكر: يعد اكتشاف مرض كينبوك قبل حدوث الانهيار المتقدم أمراً حاسماً للحفاظ على خيارات العلاج
  • يجب تكييف النهج الجراحي وفقاً لمرحلة المرض وعمر المريض ومتطلباته الوظيفية
  • التقدم في الجراحة المجهرية: التقنيات التي كانت تعتبر سابقاً تجريبية أصبحت بشكل متزايد خيارات قابلة للتطبيق مع الفرق الجراحية ذات الخبرة
  • نهج الفريق: التعاون بين جراحي اليد وأخصائيي الأشعة وأخصائيي إعادة التأهيل يحسن النتائج

الخاتمة

يمثل التطعيم العظمي الموعى نهجاً متقدماً لعلاج مرض كينبوك يهدف إلى استعادة كل من البنية وإمداد الدم للعظم الهلالي المتأثر. توضح هذه الحالة التطبيق الناجح لطعم عظمي موعى معتمد على الشريان في الحجرة الباسطة 4+5 لمريض شاب مصاب بالمرض في المرحلة 3A، مما أدى إلى تخفيف الألم واستعادة الوظيفة دون اللجوء إلى إجراءات إنقاذية أكثر جذرية.

تتطلب تعقيدات الإجراء تدريباً وخبرة متخصصة، ولكن في الحالات المناسبة وبأيدي ذوي الخبرة، فإنه يوفر إمكانية إيقاف تطور المرض مع الحفاظ على تشريح المعصم ووظيفته. ومع استمرار تطور تقنيات الجراحة المجهرية، قد تصبح مثل هذه المناهج الترميمية ذات أهمية متزايدة في خوارزمية علاج مرض كينبوك وغيره من الحالات التي تتميز بالنخر اللاوعائي.

هذه الحالة تضيف إلى مجموعة الأدلة المتزايدة التي تدعم دور الطعم العظمي الموعى في علاج الحالات المختارة من مرض كينبوك المتقدم، مما يوفر أملاً في تحسين النتائج في هذه الحالة الصعبة.

الخبراء